الدليل الثالث
(قال : الثالث.
إن الإخبار بطريق المعنى في الأزل يكون كذبا وهو على الله تعالى محال بالإجماع وأخبار الأنبياء عليهمالسلام ، ولكونه نقصا عند العقلاء ، ولأنه يوجب امتناع صدقه في ذلك الخبر ، لأن الأزلي لا يزول وهذا باطل قطعا قلنا خبره إنما يصير ماضيا ، ومستقبلا وحالا فيما لا يزال إذ لا زمان في الازل).
الوجه الثالث : أن كلامه لو كان أزليا لزم الكذب في إخباره ، لأن الإخبار بطريق المضي (١) كثير في كلام الله تعالى مثل : (إِنَّا أَرْسَلْنا) (٢) (وَقالَ مُوسى) (٣) (فَعَصى فِرْعَوْنُ) (٤) إلى غير ذلك ، وصدقه يقتضي سبق وقوع النسبة! ولا يتصور السبق على الأزل ، فتعين الكذب وهو محال.
أما أولا فبإجماع العلماء.
وأما ثانيا : فبما تواتر من أخبار الأنبياء عليهمالسلام الثابت صدقهم بدلالة المعجزات من غير توقف على ثبوت كلام الله تعالى فضلا عن صدقه.
وأما ثالثا : فلأن الكذب نقص باتفاق العقلاء وهو على الله محال ، لما فيه من أمارة العجز أو الجهل أو العبث (٥).
وأما رابعا : فلأنه لو اتصف في الأزل بالكذب في خبر ما (٦) لامتنع صدقه فيه ،
__________________
(١) في (ب) المعنى بدلا من (المضى)
(٢) سورة القمر آيات رقم ١٩ ، ٣١ ، ٣٤.
(٣) سورة الأعراف آية رقم ١٠٤ وهذا جزء من آية وتكملتها : (يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)
(٤) سورة المزمل آية رقم ١٦ وهذا جزء من آية وتكملتها : (الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً).
(٥) في (ب) العيب بدلا من (العبث).
(٦) في (أ) بزيادة لفظ (ما).