النكرة في سياق النفي. إنما تعم (١) إذا تعلقت بالفعل مثل ما جاء رجل لا بالنفي مثل قولنا : الأمي من لا يحسن من (٢) الفاتحة حرفا ، فإن إسناد الفعل المنفي إلى غير الفاعل والمفعول يكون حقيقة إذا قصد نفي الإسناد مثل ما نام الليل بل صاحبه ، ومجازا إذا قصد إسناد النفي مثل ما نام ليلي وما صام نهاري ، وما ربحت تجارته بمعنى سهر وأفطر وخسر. وكذا ما ليلي بنائم وإن كان ظاهره على نفي الإسناد ، لأن المعنى ليلي ساهر ، وإن متعلق النهي قد يكون قيدا للمنهي مثل (٣) : «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى» (٤) وقد يكون قيدا للنهي أي طلب الترك مثل لا تكفر لتدخل الجنة وإن مثل «وما هم بمؤمنين» (٥) لتأكيد النفي لا لنفي التأكيد ، وما زيد ضربت لاختصاص النفي لا لنفي الاختصاص ، (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) (٦) لاختصاص الإنكار دون العكس. وإذا تحقق النفي فالإثبات أيضا كذلك، حتى ان الشرط كما يكون سببا لمضمون الجزاء ، فقد يكون سببا لمضمون الإخبار به والإعلام كقوله تعالى (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) (٧) وإن متعلق الأمر كما يكون قيدا للمطلوب ، فقد يكون قيدا للطلب مثل صلّ لأنها فريضة ، وزكّ لأنك غني ، وهذا أصل كثير الشعب غزير الفوائد يجب التنبيه له ، والمحافظة عليه ، ولم يبينه القوم على ما ينبغي ، فلذا أشرنا إليه. إذا تقرر هذا فنقول : كون الجمع المعرف باللام في النفي لعموم السلب هو الشائع في الاستعمال ، حتى لا يوجد مع كثرته في التنزيل إلا بهذا المعنى ، وهو اللائق بهذا المقام على ما لا يخفى.
وثانيهما : أي ثاني وجهي التمسك بالآية أن نفي إدراكه بالبصر وارد مورد
__________________
(١) في (ب) تم بدلا من (تعم).
(٢) في (أ) بزيادة حرف الجر (من).
(٣) في (ب) للمعنى مثلا بدلا من (للمنهي مثل).
(٤) سورة النساء آية رقم ٤٣.
(٥) هذا جزء من آية من سورة البقرة رقم ٨ وتكملتها : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ).
(٦) هذا جزء من آية من سورة الزمر رقم ٦٤ وهي : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) وقد جاءت الآية محرفة في الأصل.
(٧) سورة النحل آية رقم ٥٣.