قلنا : أما فائدته فالتمدح تنزيهه عن سمات الحدوث ، والنقصان من الحدود ، والنهايات ، وأما إدراكه الأبصار فعبارة عن رؤيته إياها ، أو علمه بها ، تعبيرا عن اللازم بالملزوم.
وثالثا : أن المنفي إدراك الأبصار (١) ولا نزاع فيه ، والمنازع إدراك المبصرين ، ولا دلالة على نفيه ، وهذا ينسب إلى الأشعريّ ، وضعفه ظاهر لما أشرنا إليه ، ولما أن جميع الأشياء كذلك. إذا المرئيات منها إنما يدركها المبصرون لا الأبصار ، فلا تمدح في ذلك بلا فائدة أصلا اللهمّ إلا أن يراد أن إدراك الأبصار هو الرؤية بالجارحة على طريق المواجهة والانطباع ، فيكون نفيه تمدحا ، وبيانا لتنزه الباري تعالى عن الجهة ولا يستلزم نفي الرؤية بالمعنى الأعمّ (٣) المتنازع.
الاستدلال بالآية على جواز الرؤية
(قال : بل ربما يلزم جوازها
ليكون نفي إدراك البصر مدحا كما في المتعزز بحجاب (٢) الكبرياء ولا كالمعدوم أو كالأصوات والروائح والطعوم).
قوله بل ربما يلزم جوازها إشارة إلى استدلال الأصحاب بالآية على جواز الرؤية ، وتقرير الظاهر بين منهم أن التمدح بنفي الرؤية يستدعي جوازها ليكون ذلك للتمنع والتعزز بحجاب الكبرياء لامتناعها كالمعدوم حيث لا يرى ولا مدح له في ذلك.
واعترض بأن ذلك لعرائه عما هو أصل الممادح والكمالات ، أعني الوجود. وأما
__________________
(١) في (ب) البصر بدلا من (الأبصار).
(٢) سقط من (ج) لفظ (بحجاب).
(٣) سقط من (أ) لفظ (الأعم).