فإما أن يقع بقدرة الغير وحده (١) ، فيلزم ترجح أحد (٢) المتساويين ، بل ترجح المرجوح لأن التقدير استقلال القدرتين مع أن قدرة الله تعالى أقوى. وإما أن يقع بكل من القدرتين ، فيلزم اجتماع (٣) المستقلتين ، وإما أن لا يقع بشيء منهما وهو أيضا باطل ، لأن التقدير وقوعه في الجملة ولأن التخلف عن المقتضى لا يكون إلا لمانع وما ذاك إلا الوقوع بالقدرة الثانية فلا ينتفي الوقوع بهما إلا إذا وقع بهما وهو محال ، وأيضا لو وقع بقدرة الغير لما بقي لله تعالى قدرة على إيجاده لاستحالة إيجاد (٤) الموجود ، فيلزم كون العبد معجزا للرب وهو محال بخلاف ما إذا أوجده الله تعالى بقدرته فإنه يكون تقريرا لقدرته لا تعجيزا.
الدليل الثاني
قال (الثاني)
(الثاني لكان عالما بتفاصيله وبطلان اللازم يظهر في النائم والماشي والناطق والكاتب).
الوجه الثاني من الوجه العقلية : أن العبد لو كان موجدا لأفعاله لكان عالما بتفاصيلها ، واللازم باطل ، أما الملازمة فلأن الإتيان بالأزيد والأنقص والمخالف ممكن فلا بد لرجحان ذلك النوع وذلك المقدار من مخصص هو القصد إليه ، ولا يتصور ذلك إلى بعد العلم به ، ولظهور هذه الملازمة يستنكر الخلق بدون العلم كقوله تعالى (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) (٥) ويستدل بفاعلية العالم على عالمية الفاعل ، وأما بطلان اللازم فلوجوه منها. أن النائم تصدر عنه أفعال اختيارية لا شعور له بتفاصيل كمياتها وكيفياتها ، ومنها أن الماشي إنسانا كان أو غيره يقطع مسافة معينة في زمان معين من غير شعور له بتفاصيل الأجزاء والأحياز التي بين المبدأ والمنتهى ، ولا بالآنات
__________________
(١) في (ب) العبد بدلا من (الغير).
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (أحد).
(٣) سقط من (ب) من أول : مع أن إلى فيلزم اجتماع.
(٤) في (أ) بزيادة جملة (لاستحالة إيجاد).
(٥) سورة الملك آية رقم ١٤.