قال (وأما التمسك)
(وأما التمسك بأن مراده تعالى إما الوقوع أو اللاوقوع ، فرد بتجويز أن لا يريد أحدهما وأن يقع خلاف مراده).
كما استدل على وجوب الفعل أو الترك بتعلق العلم ، فكذا يتعلق الإرادة ، وتقريره أن فعل العبد ما أن يريد الله تعالى وقوعه ، فيجب أو لا وقوعه فيمتنع ، فلا يكون باختيار العبد ، ورد أولا بمنع الحصر لجواز أن لا تتعلق إرادة الله تعالى بشيء من طرفي الفعل والترك.
وثانيا : بمنع وجوب وقوع ما أراده الله تعالى من العبد على ما هو المذهب عندهم كما سيجيء.
الدليل الخامس
قال (الخامس)
(الخامس لو كان فعله بقدرته ، فإذا أراد تحريك جسم ، وأراد الله سكونه. فإما أن يتفق المراد إن في الوقوع أو اللاوقوع وهو محال. وإما أن يختلفا وهو ترجيح بلا مرجح ، لأن التقدير استقلال القدرتين.
وأجيب : بأن التساوي في الاستقلال لا يمنع التفاوت في القوة فيقع مراد الله تعالى لكون قدرته أقوى.
لو كان العبد مستقلا بإيجاد فعله ، فإذا فرضنا أنه أراد تحريك جسم في وقت (١) ، وأراد الله تعالى سكونه في ذلك الوقت. فإما أن يقع المرادان جميعا وهو ظاهر الاستحالة قطعا أو لا يقع شيء منهما وهو أيضا محال لامتناع خلو الجسم في غير أن الحدوث عن الحركة والسكون ، ولأن التخلف عن المقتضى لا يكون إلا لمانع ، ولا مانع لكل من المرادين سوى وقوع الآخر ، فلو امتنعا جميعا لزم أن يقعا جميعا وهو ظاهر الاستحالة ،
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (قطعا).