من أدلة المتقدمين القائلين أن فعل العبد
بقدرة الرب
قال (وقد يستدل)
(بأنه لو قدر على فعله لقدر على إعادته على مثله وعلى خلق الجسم إذ لا مصحح سوى الحدوث والإمكان ولكان فعله كخلق الإيمان أحسن من فعل الباري كخلق الشيطان ، ولما صح سؤال الإيمان ولا الشكر عليه).
للمتقدمين (١) على كون فعل العبد بقدرة الله دون قدرته وجوه : منها أن العبد لو كان قادرا على فعله إيجادا واختراعا لكان قادرا على إعادته ، واللازم منتف إجماعا وجه (٢) اللزوم أن إمكان القدرة منه يستلزم (٣) ماهيته لا يختلف باختلاف الأوقات ، ولهذا يصح الاستدلال على قدرة الله تعالى على الإعادة بقدرته على الابتداء كما نطق به التنزيل احتجاجا على منكري الإعادة بالنشأة الأولى. والاعتراض يمنع إمكان إعادة المعدوم مستندا بأنه يجوز أن يكون خصوصية البدء شرطا أو خصوصية العود مانعا أو يمنع عدم قدرة العبد على الإعادة ليس بشيء لأن الخصم معترف بالمقدمتين. ومنها أنّه لو كان قادرا على إيجاد فعله لكان قادرا على إيجاد مثله لأن حكم الأمثال واحد لكنا نقطع بأنه يتعذر علينا أن نفعل الآن مثل ما فعلناه سابقا بلا تفاوت ، وإن بذلنا الجهد في التدبر (٤) والاحتياط ، ومنها أنه لو كان قادرا على إيجاد فعله لكان قادرا على إيجاد كل ممكن من الأجسام والأعراض لأن المصحح للمقدورية هو الإمكان أو الحدوث ، والمقدور هو إعطاء الوجود ولا تفاوت في شيء منها باعتراف الخصم ، ولا يرد النقض
__________________
(١) في (ب) للمقدمتين بدلا من (للمقدمين).
(٢) سقط من (ب) لفظ (وجه).
(٣) في (ب) الشيء من لوازم بدلا من (القدرة منه يستلزم).
(٤) في (ب) النذير بدلا من (التدبر).