أيضا لأنه لم يخلق ما لا يتناهى من الممكنات مع وقوع اسم الشيء عليه ، وحينئذ لا يبقى فرق بين النصب والرفع ، ولا بين جعل خلقنا خبرا أو منعه على أنه لو سلم التقييد بالمخلوق فالفرق ظاهر ، لأن الخبر يفيد أن كل مخلوق ، مخلوق له بخلاف الصفة.
الدليل الثاني
قال (ومنها قوله تعالى (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (١)).
إما على المصدرية المستغنية عن الإضمار فظاهر ، وإما على الموصولية فلشمولها الأفعال التي يكتسبها العبد من الحركات والسكنات ، والأوضاع والهيئات كما في قوله تعالى (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٢) (يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) (٣) إذ فيها النزاع لا في الإيقاع.
أما إذا كانت (ما) مصدرية على ما اختاره سيبويه لاستغنائه عن الحذف والإضمار فالأمر ظاهر لأن المعنى وخلق عملكم ، وأما إذا كانت موصولة على حذف الضمير ، أي : وخلق ما تعملونه بقرينة قوله تعالى (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) (٤) توبيخا لهم على عبادة ما عملوه من الأصنام ، فلأن كلمة (ما) عامة تتناول ما يعملونها من الأوضاع ، والحركات والمعاصي والطاعات وغير ذلك. فإن المراد بأفعال العباد المختلف في كونها بخلق العبد ، أو بخلق الرب ، هو ما يقع بكسب العبد ، ويستند إليه مثل الصوم والصلاة والأكل والشرب والقيام والقعود ونحو ذلك مما يسمى الحاصل بالمصدر لا نفس الإيقاع الذي هو من الاعتبارات العقلية ، الا يرى إلى مثل يقيمون الصلاة ،
__________________
(١) سورة الصافات آية رقم ٤٩.
(٢) هذا جزء من آية من سورة البقرة آية ٢٥ ، وآل عمران آية ٥٧ ، والنساء ١٣٢.
(٣) هذا جزء من آية من سورة النساء آية ١٨ والعنكبوت آية رقم ٤.
(٤) جزء من آية من سورة الصافات رقم ٩٥.