والأوضاع والهيئات المحسوسة إن أريد بالإرادة الإبصار وإن أريد الإعلام فجميع الأفعال الظاهرة والباطنة ، لكن مبنى الوجهين على أن لا يكون الموصول إشارة إلى الأصنام خاصة ، ومن هذا القبيل قوله تعالى (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (١) (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢) (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) (٣) (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٤).
فإن قيل : على الوجوه نحن نجعل العبد موجدا لأفعاله ، لا خالقا لأن الخلق هو الإيجاد على وجه التقدير العاري عن الخلل. وعلى الوجه الذي يقدره وإيجاد العبد ربما يقع على وجه الخلل ، وعلى خلاف ما قدره.
قلنا : ليس الخلق إلا إيجادا على وجه التقدير أي الإيقاع على قدر وجه (٥) مخصوص ، وفعل العبد ربما يكون كذلك. فلو كان هو موجدا له لكان خالصا.
الدليل الرابع
قال (ومنها نحو قوله تعالى حكاية (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) (٦).
(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ) (٧) (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (٨)).
فإن جعل المتعدي إلى مفعولين يكون بمعنى التصيير أي تحصيل صنعة مكان صنعة ، فإذا وقع مفعوله الثاني من أفعال العباد أفاد أنها بجعل الله وبخلقه ، والمعتزلة
__________________
(١) سورة الأعراف آية رقم ٥٤.
(٢) سورة البقرة آية رقم ٢٩.
(٣) سورة ص آية رقم ٢٧.
(٤) سورة طه آية رقم ٥٠.
(٥) في (ب) وجه بدلا من (قدر).
(٦) سورة البقرة آية رقم ١٢٨.
(٧) سورة ابراهيم آية رقم ٤٠.
(٨) سورة مريم آية رقم ٦.