الأدلة العقلية التي تمسك بها
المعتزلة
قال (ومنهم من احتج عليه)
عقلا ونقلا : أما العقليات فوجوه :
(الأول : أنه لو لا استقلال العبد لبطل المدح والذم والأمر والنهي والثواب ، والعقاب وفوائد الوعد والوعيد ، وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، والفرق بين الكفر والإيمان والإساءة والإحسان وفعل النبي والشيطان ، وكلمات التسبيح والهذيان (١) ، وكذا بين ما يقع بأعضاء العبد على وفق إرادته وإرادة غيره مع أن التفرقة مدركة بالوجدان.
الثاني : أن من الأفعال قبائح يقبح من الحكيم خلقها كالظلم والشرك ، وإثبات الولد ونحو ذلك.
الثالث : أن فعل العبد واجب الوقوع على وفق إرادته ، فلو كان بإيجاد الله لما كان كذلك بجواز أن لا يحدثه عند إرادته ، ويحدثه عند كراهته.
الرابع : لو كان الله خالقا لأفعال المخلوقين لصح اتصافه بها ، إذ لا معنى للكافر إلا فاعل الكفر ، فيكون كافرا ظالما فاسقا آكلا شاربا قائما قاعدا إلى ما لا يحصى.
والجواب : عن الأول. أنه لا إشكال على من يجعل فعل العبد متعلقا لقدرته ، وإرادته واقعا بكسبه ، وعقيب عزمه ، ولو لزم فعل المعتزلة أيضا لوجوب الفعل أو امتناعه بناء على المرجح الموجب ، والعلم الأزلي وجودا وعدما.
__________________
(١) هذي : الهذيان كلام غير معقول مثل كلام المبرسم والمعتوه هذي يهذي هذيا وهذيانا تكلم بكلام غير معقول في مرض أو غيره ، وهذي إذا هذر بكلام لا يفهم وهذي به ذكره في هذانه والاسم من ذلك الهذاء.
راجع لسان العرب ج ٢ ص ٢٣٦.