المبحث الرابع
في أن الصانع أزلي أبدي
(لما كان الواجب ما يمتنع عدمه لم يحتج بعد إثباته كونه أزليا أبديا. والمتكلمون لما اقتصروا على إثبات صانع للعالم افتقروا ببيانهم إلى إثبات ذلك فالأزلية لإبطال التسلسل ومما سيجيء من أن الكل بقدرة القديم والأبدية لما مر من استلزام القديم امتناع العدم.
قال : المبحث الرابع : قد يجعل من مطالب هذا الباب أن الصانع أزلي أبدي ، ولا حاجة إليه ، بعد إثبات واجب الوجود لذاته لأن من ضرورة وجوب الوجود امتناع العدم أزلا وأبدا.
وبعض المتكلمين لما افتقروا في البيان على أن لهذا العالم صانعا من غير (١) بيان كونه واجبا أو ممكنا (٢) ، افتقروا إلى إثبات كونه أزليا أبديا فبينوا :
الأول : بأنه لو كان حادثا لكان له محدث ويتسلسل ، وبأنا سنقيم (٣) الدلالة على أن المؤثر في وجود هذا (٤) العالم هو الله تعالى ، من غير واسطة.
الثاني : بأن القديم يمتنع عليه العدم لكونه واجبا أو منتهيا إليه بطريق الإيجاب. لأن الصادر بطريق الاختيار يكون مسبوقا بالعدم. وقد سبق بيان ذلك.
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (غير).
(٢) في (ب) ممكنا واجبا.
(٣) في (ب) مستقيم بدلا من (سنقيم).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (هذا).