المبحث الثالث
حقيقة الأجل
قال (المبحث الثالث الأجل)
(الوقت وشاع في الوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياة الحيوان فيه وهو واحد والموت من فعل الله تعالى ، وقد يكون عقيب فعل العبد بطريق جري العادة ، والمقتول ميت بأجله ، ولو لم يقتل لم يقطع بموته ولا حياته. وقال أبو الهذيل (١) يموت البتة في ذلك الوقت ، وقال كثير من المعتزلة : بل يعيش البتة إلى أمد هو أجله. لنا مثل قوله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٢) وأنه إذا لم يعلم الأجل لم يعلم الموت ولا الحياة. وقوله تعالى (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) (٣) معناه من عمر معمر لا من ذلك المعمر وزيادة البر في العمر مع أن الخبر من باب الآحاد يحتمل كثرة الخير والبركة ، وتجويز تأخر الموت ليس تغييرا لعلم الله ، بل تقريرا لأن عدم القتل إنما يتصور على تقدير العلم بذلك ، ووجوب الجزاء على القاتل لما اكتسبه من الفعل ، وارتكبه من النهي لا لما في المحل من الموت).
في اللغة الوقت ، وأجل الشيء يقال لجميع مدته ولآخرها كما يقال أجل (٤) هذا الدين شهران أو آخر الشهر ، وفسر قوله تعالى : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً ، وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) (٥) بعضهم بأجل الموت وأجل القيمة ، وبعضهم بما بين أن يخلق الله (٦)
__________________
(١) هو محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي ، مولى عبد القيس أبو الهذيل العلاف ، من أئمة المعتزلة ، ولد في البصرة عام ١٣٥ واشتهر بعلم الكلام. قال المأمون : أطل أبو الهذيل على الكلام كإطلال الغمام على الأنام ، له مقالات في الاعتزال ، ومجالس ومناظرات ، وكان حسن الجدل قوي الحجة ، سريع الخاطر ، كف بصره في آخر عمره ، وتوفي بسامرا عام ٢٣٥ ه له كتب كثيرة منها كتاب سماه (ميلاس) على اسم مجوس أسلم على يديه.
راجع وفيات الأعيان ١ : ٤٨٠ ولسان الميزان ٥ : ٤١٣ ومروج الذهب ٢ : ٢٩٨
(٢) سورة الأعراف آية رقم ٣٤
(٣) سورة فاطر آية رقم ١١
(٤) في (ب) أصل بدلا من (أجل)
(٥) سورة الأنعام آية رقم ٢
(٦) في (ب) إلى بدلا من (الله) وهو تحريف