المبحث الرابع
في الرزق
قال (المبحث الرابع الرزق)
(ما ساقه الله إلى الحيوان فانتفع به ، فكل يستوفي رزقه ، ولا يأكل أحد رزق أحد وقيل : لينتفع به ، وقد يختص بالمأكول ، وقيده المعتزلة بأن لا يكون لأحد منعه ليخرج الحرام جريا على أصلهم في القبح فمن لم يأكل طول عمره سوى الحرام لم يكن مرزوقا. لنا النصوص الدالة على ضمان الأرزاق (١).
قالوا : فلم يدفع عنه ويذم ويعاقب عليه ويمنع من السعي في تحصيله.
قلنا : لارتكابه المنهي واكتسابه القبيح).
في الأصل مصدر سمي به المرزوق وهو ما ساقه الله تعالى إلى الحيوان مما ينتفع به ، فيدخل رزق الإنسان والدواب وغيرهما من المأكول وغيره ، ويخرج ما لم ينتفع به وإن كان السوق للانتفاع لأنه يقال فيمن ملك شيئا ، وتمكن من الانتفاع به ، ولم ينتفع إن ذلك لم يصر رزقا له ، وعلى هذا يصح أن كل أحد يستوفي رزقه ولا يأكل أحد رزق غيره ، ولا الغير رزقه بخلاف ما إذا اكتفى بمجرد صحة الانتفاع والتمكن من ذلك على ما يراه المعتزلة وبعض أصحابنا. نظر إلى أن أنواع الأطعمة والثمرات تسمى رزقا (٢) ، ويؤمر بالإنفاق من الأرزاق ، ولهذا اختاروا في تفسير المعنى المصدري ، التمكن من الانتفاع وفي العيني ما يصح به الانتفاع. ولم يكن لأحد منعه احترازا عن الحرام ، وعما أبيح للضيف مثلا قبل أن يأكل. ومن فسره بما ساقه الله تعالى إلى العبد فأكله لم يجعل غير المأكول رزقا عرفا ، وإن صح لغة
__________________
(١) قال تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها). سورة هود آية رقم ٦.
وقال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ). سورة العنكبوت آية رقم ٦٠.
(٢) في (ب) أرزاقا من (رزقا).