المبحث السادس
ما يجب على الله تعالى في رأي المعتزلة
قال (المبحث السادس)
(ذهب المعتزلة إلى أنه يجب على الله تعالى أمور :
الأول : اللطف وهو فعل يقرب إلى الطاعة أو يحصلها ، ويبعده عن المعصية لا إلى حد الإلجاء ، واستدلوا بأنه لو جاز منع ما يقرب إلى المأمور به لكان غير مراد وهو تناقض ، وبأن منع اللطف نقض للغرض ، وتقريب أو تحصيل فيقبح ، وبأن الواجب لا يتم إلا بما يحصله أو يقرب منه فيجب ، والكل ضعيف ومعارض بأنه من قواعدكم أن أقصى اللطف واجب. فيلزم أن لا يبقى كافر ولا فاسق ، وبأنه لو وجب لما أخبر الله تعالى بسعادة البعض ، وشقاوة البعض لكونه إقناطا وإغراء ، ولما خلا عصر من الأنبياء والأولياء والخلفاء).
لما لم تقل بوجوب شيء على الله كفينا مئونة كثير من تطويلات المعتزلة القائلين بوجوب أشياء على الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا. وقد أكثروا الكلام في تفاصيلها ولنعد منها عدة :
الأول : اللطف وهو فعل يقرب العبد إلى الطاعة ، ويبعده عن المعصية لا إلى حد الإلجاء ، ويسمى اللطف المقرب ، أو يحصل الطاعة فيه ، ويسمى المحصل ، وذلك كالأرزاق والآجال ، والقوى والآلات ، وإكمال العقل ، ونصب الأدلة ، وما يشبه ذلك.
وفسروا الوجوب عليه بأنه لا بد أن يفعله لقيام الداعي ، وانتفاء الصارف ، وتارة بأن لتركه مدخلا في استحقاق الذم ، وقد عرفت ما فيه ، واستدلوا على الوجوب بوجوه :