خاتمة
حقيقة التوحيد عدم الشريك
(لم يخل بالتوحيد القول بقدم الصفات وإيجاد الحيوان لأفعاله وإن قبح لفظ الخلق ، وإن صح منه تفويض أمر الشرور والقبائح إلى الشيطان. وأما القول بقدم العقول وإيجادها للنفوس والأجسام وقدم الافلاك ، وتدبيرها لعالم العناصر فخطب هائل. والمشركون وافقهم الثانوية القائلون بمبدأين ، نور وظلمة. والمجوس القائلون بتفويض الشرور حتى الأجسام الخبيثة إلى (أهرمن) وإن جعل متولدا من (يزدان) وعبدة الأجسام لتأويلات توهموها. والقائلون بالولد. سبحان الله عما يشركون).
قال :
خاتمة : حقيقة التوحيد اعتقاد عدم الشريك في الألوهية وخواصها ولا نزاع لأهل الإسلام في أن تدبير العالم وخلق الأجسام ، واستحقاق العبادة ، وقدم ما يقوم بنفسه كلها من الخواص ونعني (١) بالقدم بمعنى عدم المسبوقية بالعدم.
وأما بمعنى عدم المسبوقية بالغير فهو نفس الألوهية ، وبوجوب الوجود. فنحن إنما نقول بالصفات القديمة دون الذوات ، ومع ذلك لا نجعل (٢) الصفة غير الذات.
والمعتزلة إنما يقولون بخلق العباد لأفعالهم دون غيرها من الأعراض (٣) والأجسام نعم تفويضهم تدبير شطر من (٤) حوادث العالم ، وهو الشرور والقبائح إلى الشيطان على خلاف مشيئة الله تعالى ، وإن كان بإقداره وتمكينه خطب صعب ، وأصعب منه قول الفلاسفة : بقدم العقول وإيجادها للنفوس وبعض الأجسام ،
__________________
(١) في (ب) ومعين القدم.
(٢) في (ب) لا تحول بدلا من (نجعل).
(٣) سقط من (ب) لفظ (والأجسام).
(٤) في (ب) شرط من الحوادث.