المخالفون في تنزيه الله تعالى
(قال : وأما المخالفون : فمنهم أطلق الجسم بمعنى الموجود والجوهر بمعنى القائم بنفسه، والحق المنع شرعا واحتياطا ومنهم (١) المجسمة : القائلون بأنه جسم على صورة شاب أمرد أو شيخ أشمط أو شبيكة بيضاء تتلألأ.
والمشبهة (٢) : القائلون : بأنه في جهة العلو وفوق العرش مماسا له أو محاذيا ببعد متناه أو غير متناه متمسكين بأن كل موجود جسم أو جسماني أو متحيز أو حال فيه ومتصل بالعالم أو منفصل وداخل العالم أو خارجه ، وبظواهر النصوص المشعرة بالجهة والجسمية والجواب ظاهرا).
أما المخالفون إجراء الجسم مجرى الموجود فمخالف للعرف واللغة. ولما اشتهر من الاصطلاحات ، لكن إطلاق الجوهر بمعنى الموجود القائم بنفسه ، وبمعنى الذات والحقيقة اصطلاح شائع فيما بين الحكماء.
فمن هاهنا يقع في كلام بعضهم إطلاق لفظ الجوهر على الواجب.
وفي كلام ابن كرام (٣) أن الله احدى الذات ، احدى الجوهر ، ومع هذا فلا ينبغي
__________________
(١) المجسمة : أتباع محمد بن كرام ويرى الشهرستاني : أن ابن كرام بدأ صفاتيا ثم غلا في إثبات الصفات حتى انتهى فيها إلى التشبيه والتجسيم ، ومن الواضح أن أول ما فجأ ابن كرام هو أنه آمن بالعرشية والجهة فالله عنده مستقر على العرش وأنه بجهة فوق ذاتا ، ولا يمكن هذا إلا لجسم.
(٢) المشبهة : اتباع مقاتل بن سليمان. والمقدسي يرى أن مقاتل بن سليمان زعم أن الله جسم من الأجسام ـ لحم ودم وأنه سبعة أشبار بشبر نفسه.
(٣) هو محمد بن كرام ولد بسجستان ثم انتقل حين شب إلى خراسان نشأ في موطن الحشوية والمشبهة ، ارض مقاتل بن سليمان القديمة وكانت خرسان ملتقى المذاهب الغنوصية القديمة وقد بشر محمد بن كرام بجانب مذهبه في التجسيم بروح الزهد والتنسك توفي عام ٢٥٥ ه.