الحلول والاتحاد محكى عن النصارى
(قال : والاتحاد محكى عن النصارى في حق عيسى عليهالسلام ، وعن بعض الغلاة في حق أئمتهم (١) وعن بعض المتصوفة في حق كلمتهم ، وأما ما يدعي بعضهم من ارتفاع الكثرة عند الفناء في التوحيد ، أو أنه لا كثرة في الوجود أصلا فبحث آخر).
والقول بالحلول يعني كما قامت الدلالة على امتناع الحلول والاتحاد على الذات فكذا على الصفات ، بل أولى لاستحالة انتفاء (٢) الصفة عن الذات ، والاحتمالات التي يذهب إليها أوهام المخالفين في هذا الأصل ثمانية (٣).
حلول ذات الواجب أو صفته في بدن الإنسان أو روحه ، وكذا الاتحاد. والمخالفون منهم نصارى ومنهم (٤) منتمون إلى (٥) الإسلام. أما النصارى : فقد ذهبوا إلى أن الله تعالى جوهر واحد ، ثلاثة أقانيم (٦) ، هي الوجود والعلم والحياة ، المعبر عنها عندهم ، بالأب ، والابن ، وروح القدس على ما يقولون : أبا ابنا روحا قدسا ، ويعنون بالجوهر القائم بنفسه ، وبالأقنوم الصفة ، وجعل الواحد ثلاثة جهالة ، أو ميل إلى أن الصفات نفس الذات ، واقتصارهم على العلم والحياة دون القدرة وغيره جهالة أخرى ، وكأنهم يجعلون القدرة راجعة إلى الحياة ، والسمع والبصر إلى العلم ثم قالوا : إن الكلمة وهي أقنوم العلم ، اتحدت بجسد المسيح ، وتدرعت بناسوته بطريق الامتزاج كالخمر بالماء عند
__________________
(١) في (ج) في حق على بدلا من (أئمتهم).
(٢) في (ب) انتفاء بدلا من (انتقال).
(٣) في (أ) بزيادة لفظ (ثمانية).
(٤) في (ب) وهم بدلا من (ومنهم).
(٥) في (ب) في بدلا من حرف الجر (إلى).
(٦) الأقانيم : الصفات ، كالوجود والحياة والعلم ، وسموها الأب والابن ، وروح القدس. وإنما العلم تدرع وتجسد دون سائر الأقانيم.