المبحث الأول
الصفات زائدة على الذات
المبحث الأول :
(صفاته زائدة على الذات (١) ، فهو عالم له علم ، قادر له قدرة حيّ له حياة ، إلى غير ذلك. خلافا للفلاسفة والمعتزلة).
في الوجودية لا خفاء ولا نزاع في أن اتصاف الواجب بالسلبيات مثل كونه واحدا ليس في جهة وحيز لا يقتضي ثبوت صفات له وكذا بالإضافات والأفعال ، مثل كونه تعالى(٢) العلي والعظيم ، والأول ، والآخر ، والقابض (٣) والباسط (٤) ، والخافض والرافع ، ونحو ذلك. وإنما الخلاف في الصفات الثبوتية الحقيقية ، مثل كونه العالم والقادر. فعند أهل الحق له صفات أزلية زايدة على الذات ، فهو عالم له علم قادر له قدرة ، حيّ له حياة ، وكذا في السميع والبصير
__________________
(١) ما من شك في أن البحث في الذات والصفات الإلهية من ناحية الصلة بينهما توحيدا أو تغايرا ، والبحث في الصفات الموهمة للتشبيه نفيا أو تأويلا إنما هو تهجم من الإنسان على مقام لا يرقى إليه وهم متوهم ولا خيال متخيل ، وإنه لحق أن كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
وقد كان من الطبيعي أن يقدر الباحثون أنفسهم باعتبارهم من البشر حق قدرها ، وأن يقدروا الله حق قدره.
ولو سار الأمر على هذا النسق لما تطاول البشر إلى مقام الله ، ولما تجاوزوا حدودهم ، وبالتالي لما كان هناك اختلاف وتنازع وافتراق في موضوع الصفات الإلهية.
التوحيد الخالص أو الإسلام والعقل ص ١٤٠.
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (تعالى).
(٣) و (٤) قال تعالى : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) جزء من الآية ٢٤٥ سورة البقرة وفيه مسائل : الأولى : تقوية أحدهما بالآخر الأحسن في مثل هذين الاسمين أن تقوى أحدهما في الذكر بالآخر ليكون ذلك أدل على القدرة والحكمة ، ولهذا السبب ذكرت الآية السابقة. وإذا ذكرت القابض مفردا عن الباسط كنت قد وصفته بالمنع والحرمان وذلك غير جائز. والقبض في اللغة الأخذ والبسط التوسع والنشر ، وهذان الأمران يعمّان جميع الأشياء فكل أمر ضيقه فقد قبضه ، وكل أمر وسّعه فقد بسطه. الخ.
راجع شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص ٢٣٤.