الرد على الفلاسفة والمعتزلة في عدم زيادة
الصفات
(لنا وجوه الأول : أن حد العالم من قام به العلم ، وعلة العالمية أعني كونه عالما هو العلم ، وهذا لا يختلف شاهدا وغائبا بخلاف ما ليس من الوجوه (١) التي توجب كون العالم عالما كالعرضية والحدوث ونحو ذلك.
الثاني : أنه لا يعقل من العالم إلا من له العلم ، ومن المعلوم إلا ما تعلق به العلم فبالضرورة إذا كان عالما وكان له معلوم كان له علم ، فإن قيل : علمه ذاته قلنا فلا يفيد حمله على الذات ولا تتميز الصفات ولا يفتقر إلى الإثبات ، ويكون العلم مثلا واجبا معبودا صانعا للعالم موصوفا بالكمالات فإن قيل يكفي تغاير المفهوم كما في سائر المحمولات. قلنا : ليس الكلام في مثل العالم والقادر والحيّ بل في العلم والقدرة والحياة. فإن قيل ذاته من حيث التعلق بالمعلومات عالم بلا علم ، وبالمقدورات قادر بلا قدرة ، كالواحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وهكذا مع أن الموجود واحد لا غير قلنا : معلوم قطعا أن الذات لا تكون علما وقدرة بل عالما وقادرا. ويبقى الكلام في المعنى الذي هو مأخذ الاشتقاق ولا يفيدك تسميته بالتعلق للقطع بأنه من الصفات الحقيقية لا الاعتبارات العقلية (٢).
الثالث : قوله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) (٣) ، (أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) (٤) ، (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥) ، (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ) (٦)).
__________________
(١) في (ج) الوجود بدلا من (الوجوه).
(٢) في (ج) الفعلية بدلا من (العقلية).
(٣) سورة النساء آية رقم ١٦٦.
(٤) سورة هود آية رقم ١٤.
(٥) سورة الذاريات آية رقم ٥٨.
(٦) سورة البقرة آية رقم ١٦٥.