ادعاء المعتزلة نفي القدرة عن الله تعالى
(قال : ولهم في نفي القدرة.
أنه لو كانت له قدرة لما تعلقت بخلق الأجسام لأن قدرة الشاهد ليست كذلك إلا لعلة مشتركة هي كونها قدرة ولأنها إما أن تماثل قدرة الشاهد أو تخالفها بقدر تخالفها (١). قلنا : لعل العلة أخص والمخالفة أشد).
قال : ولهم في نفي القدرة تمسك المعتزلة في امتناع كون البارى تعالى قادرا بالقدرة بأنه لو كان كذلك لما كان قادرا على خلق الأجسام ، واللازم باطل وفاقا ببيان الملازمة من وجهين :
أحدهما : أن عدم صلوح قدرة العبد لخلق الأجسام حكم مشترك ، لا بدّ له من علة مشتركة ، وما هي إلا كونها قدرة ، فلو كان للباري أيضا قدرة ، لكانت كذلك.
وثانيهما : أن قدرة الباري على تقدير تحققها ، إما أن تكون مماثلة لقدرة العباد فيلزم أن لا تصلح لخلق الأجسام ، لأن حكم الأمثال واحد ، وإما أن تكون مخالفة لها ، وليست تلك المخالفة أشد من مخالفة قدرة العباد بعضها للبعض ، ومع ذلك لا يصلح شيء منها لخلق الأجسام ، فكذا التي تخالفها هذا القدر من المخالفة.
والجواب : أنا لا نسلم أنه لا بدّ للحكم المشترك من علة مشتركة. بل يجوز أن يعلل بعلل مختلفة ، إذ لا يمتنع اشتراك المختلفات في لازم واحد ، فها هنا يجوز أن يعلل عدم صلوح قدرة العباد لخلق الأجسام بخصوصياتها.
ولو سلم ، فلا نسلم أنه لا مشترك بينها سوى كونها قدرة لجواز أن تكون أمرا أخص من ذلك بحيث تشمل قدرة العباد ، ولا تشمل قدرة الباري. ولا نسلّم أن مخالفة قدرة الباري لقدرة العباد ، ليست أشد من مخالفتها فيما بينها لجواز أن تنفرد بخصوصية لا توجد في شيء منها ، فتصلح هي لخلق الأجسام دونها.
__________________
(١) سقط من (خ) جملة (بقدر تخالفها).