ادعاء المعتزلة نفي العلم عن الله تعالى
(قال : وفي نفي العلم.
أنه لو كان عالما بعلم كما في الشاهد لكان العلمان متماثلين لتعلقهما بالمعلوم من وجه واحد ، فيلزم اشتراكهما في القدم أو الحدوث بخلاف العالمية فإنها فيه يتعلق الذات وفينا يتعلق العلم. ولكانت علومه (١) غير متناهية لكونه عالما بما لا نهاية له ولكان فوقه عليهم لقوله تعالى :
(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (٢) قلنا لا يلزم من الاشتراك في اللازم التماثل ولا من التماثل الاستواء في الصفات ، ولا يمتنع كثرة تعلقات الواحد ولو إلى غير نهاية ولا تخصيص العمومات).
قال : وفي نفي العلم تمسكوا في امتناع كونه عالما بالعلم (٣) بوجوه :
الأول : أنه لو كان كذلك لزم حدوث علمه ، أو قدم علمنا ، وكلاهما ظاهر البطلان ، وجه اللزوم أنه إذا تعلق علمنا بشيء مخصوص تعلق به علمه كان كلاهما على وجه واحد ، وهو طريق تعلق العلم بالمعلوم. لا أن يكون علمه به (٤) بطريق تعلق الذات ، وعلمنا به (٥) بطريق تعلق العلم كما في عالميته ، وعالميتنا. وإذا كان كلاهما على وجه واحد كانا متماثلين ، فيلزم استواؤهما في القدم أو الحدوث.
والجواب : أن تعلقهما من وجه واحد لا يوجب تماثلهما لجواز اشتراك المختلفات في لازم واحد.
__________________
(١) في (ج) له علوم.
(٢) سورة يوسف آية رقم ٧٦.
(٣) العلم ضربان : إدراك ذات الشيء. والثاني : الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له. أو نفي شيء هو منفي عنه.
فالأول : هو المتعدى إلى مفعول واحد. قال تعالى : (لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ).
والثاني : المتعدى إلى مفعولين : نحو قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ)
وقوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا : لا عِلْمَ لَنا) إشارة إلى أن عقولهم قد طاشت.
(٤) في (أ) بزيادة (به).
(٥) سقط من (ب) لفظ (به).