السابع : أنه يعلم في الأزل وجود الأثر فيجب أو عدمه فيمتنع فلا يكون مقدورا ، ورد بأنه يعلم وجوده بقدرته).
قال : تمسك المخالف بوجوه :
الأول : لو كان الباري تعالى فاعلا بالقدرة والاختيار دون الإيجاب ، فتعلق قدرته بأحد مقدوريه بالمتساويين ، بالنظر إلى نفس القدرة دون الآخرين ، افتقر إلى مرجح بنقل الكلام إلى تأثيره في ذلك المرجح ، ولزم التسلسل في المرجحات ، وإن لم يفتقر لزم انسداد باب ثبات (١) الصانع ، لأن مبناه على امتناع الترجح بلا مرجح ، وافتقار وقوع الممكن إلى مؤثر.
والجواب : منع الملازمتين. أي لا نسلم أنه لو افتقر تعلق القدرة إلى مرجح لزم التسلسل ، لجواز أن يكون الترجيح هو الإرادة (٢) التي تتعلق بأحد المتساويين لذاتها ، كما في اختيار الجائع أحد الرغيفين ، والهارب أحد الطريقين ، ولا يخفى أن هذا أولى مما قال في المواقف اقتداء بالإمام أن القدرة تتعلق لذاتها.
ولا نسلّم أنه لو لم يفتقر إلى مرجح لزم انسداد باب إثبات الصانع ، فإن المفضي إلى ذلك جواز ترجيح الممكن بلا مرجح ، بمعنى تحققه بلا مؤثر ، لا ترجيح القادر أحد مقدوريه بلا مرجح ، بمعنى تخصيصه بالإيقاع من غير داعية.
ولا يلزم من جواز هذا جواز ذلك.
الثاني : أن تعلق القدرة والإرادة بإيجاد العالم إن كان أزليا لزم كون العالم أزليا لامتناع التخلف عن تمام العلة ، وإن كان حادثا ينقل الكلام إلى تعلقهما بأحداث ذلك التعلق ، وتتسلسل التعلقات الحادثة (٣).
__________________
(١) (أ) بزيادة لفظ (بثبات).
(٢) الإرادة : هي المشيئة ، وراوده على كذا مراودة ، وإرادة الكلأ أي طلبه والرائد هو الذي يرسل في طلب الكلأ. وهي بمعنى القصد إلى الشيء.
وفي اصطلاح المتكلمين ، عند الأشاعرة : هي صفة قديمة زائدة على الذات قائمة بها تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه من الأمور المتقابلة.
راجع شرح البهجوري على الجوهرة ص ٧٨.
(٣) راجع المقصد الثاني من كتاب المواقف في قدرته تعالى ج ٨ ص ٤٩ وما بعدها.