ومن هنا يتّضح أن أهميّة ذكر يوم الحشر وتذكّره يعادل أهمية أصل الدعوة الدينية.
ويتضح أيضا أن الاعتقاد بيوم الجزاء من أهم العوامل التي تجبر الإنسان على أن ينتهج الورع والتقوى ، وأن يتجنب الأخلاق الرذيلة ، والمعاصي والذنوب ، كما أن نسيانه ، أو عدم الاعتقاد به ، سوف يكون أساسا وأصلا لكل معصية أو ذنب ، ويقول جلّ من قائل :
(إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) (١).
ومما يلاحظ في الآية ، أن منشأ كل ضلال هو نسيان يوم الحساب.
وبالتدبّر في خلقة الإنسان والعالم ، وكذا في الهدف من الشرائع السماوية ، يتّضح الغرض من اليوم الذي سيلاقيه الإنسان «يوم الجزاء».
ونحن عند ما نتدبر الأعمال والأفعال في الطبيعة ، نرى أن كل عمل (والذي يحتوي على نوع من الحركة بالضرورة) لا يتم إلّا لغاية وهدف ، وليس العمل نفسه بالأصالة هو المقصود ، بل أنه مقدمة لهدف وغاية فيكون مطلوبا لذلك الهدف أو لتلك الغاية ، حتى في الأعمال التي تعتبر سطحيّة مثل الأفعال الطبيعية والأعمال الصبيانية ونظائرها ، لو دققنا فيها لوجدنا فيها غايات
__________________
(١) سورة ص الآية ٢٦.