ويرى ابن أبي الحديد استفاضة كلا الحديثين النبويّ والمناشدة العلويّة ، فقال في شرحه ٢ من ٤٤٨ : فقد جاء في حقِّه الخبر الشائع المستفيض : انّه قسيم النار والجنّة ، وذكر أبو عُبيد الهروي في الجمع بين الغريبين : أنّ قوماً من أئمَّة العربيّة فسَّروه فقالوا : لأنّه لَمّا كان محبّه من أهل الجنّة ومبغضه من أهل النار ، كان بهذا الاعتبار قسيم النار والجنّة. قال أبو عُبيد : وقال غير هؤلاء : بل هو قسيمها بنفسه في الحقيقة ، يُدخل قوماً إلى الجنّة وقوماً إلى النّار ، وهذا الذي ذكره أبو عبيد أخيراً هوما يطابق الأخبار الواردة فيه : يقول للنار : هذا لي فدعيه ، وهذا لكِ فخُذيه (١).
وذكره القاضي في الشفا : انّه قسيم النار ، وقال الخفاجي في شرحه ٣ : ١٦٣ : ظاهر كلامه أنَّ هذا ممّا أخبر به النبيُّ صلىاللهعليهوسلم إلّا أنّهم قالوا : لم يروه أحد من المحدِّثين إلّا ابن الأثير قال في النهاية : إلّا أنَّ عليّاً رضى الله عنه قال : «أنا قسيم النار» ، يعني أراد أنَّ الناس فريقان : فريقٌ معي فهم على هدى ، وفريقٌ عليَّ فهم على ضلال ، فنصفٌ معي في الجنّة ، ونصفٌ عليَّ في النّار (٢). انتهى.
قلت : ابن الأثير ثقةٌ ، وما ذكره عليٌّ لا يُقال من قبيل الرأي فهو في حكم المرفوع ، إذ لا مجال فيه للاجتهاد ، ومعناه : أنا ومَن معي
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم ٩ : ١٦٥.
(٢) النهاية في غريب الحديث الأثر ٤ : ٦١ «قسم».