وهذه المصاحف المطبوعة في ايران والعراق والهند منتشرةٌ في أرجاء العالم ، والمخطوطة منها التي كادت تُعدُّ على عدد مَن كان يحسن الكتابة منهم قبل بروز الطبع ، وفيهم مَن يكتبه اليوم تبرُّكاً به ، ففي أيّ منها يجد ما يحسبه الزاعم من الغلط الفاشي؟ أو خلّة في الكتابة؟ أو ركّة في الأُسلوب؟ أو خروج عن الفنّ؟ غير طفائف يزيغ عنه بصر الكاتب ، الَّذي هو لازم كلِّ إنسان شيعيٍّ أو سنيٍّ عربيٍّ أو عجميٍّ.
وأحسب أنَّ الذي أخبر القصيميَّ بما أخبر من الطائفين في بلاد الشيعة لم يولد بعدُ ، لكنَّه صوَّره مثالاً وحسب أنّه يُحدِّثه ، أو أنّه لَمّا جاس خلال ديارهم لم يزد على أن استطرق الأزقّة والجوادّ ، فلم يجد مصاحف ملقاةً فيما بينهم وفي أفنية الدور ، ولو دخل البيوت لوجدها موضوعةً في عياب وعلب ، وظاهرةً مرئيَّةً في كلِّ رفٍّ وكوّة ، على عدد نفوس البيت في الغالب ، ومنها ما يزيد على ذلك ، وهي تُتلى آناء الليل وأطراف النّهار.
هذه غير ما تتحرَّز به الشيعة من مصاحف صغيرة الحجم في تمائم الصبيان وأحراز الرِّجال والنساء ، غير ما يحمله المسافر للتلاوة والتحفّظ عن نكبات السفر ، غير ما يوضع منها على قبور الموتى للتلاوة بكرةً وأصيلا وإهداء ثوابها للميِّت ، غير ما تحمله الأطفال إلى المكاتب لدراسته منذ نعومة الأظفار ، غير ما يُحمل مع