إِلَيْكَ) «يوسف ١٠٢».
وهذا العلم بالغيب الخاصّ بالرُّسل دون غيرهم ينصُّ عليه بقوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (١) نعم : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) (٢) (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٣).
فالأنبياء والأولياء والمؤمنون كلّهم يعلمون الغيب بنصٍّ من الكتاب العزيز ، ولكلٍّ منهم جزءٌ مقسوم ، غير أنَّ علم هؤلاء كلّهم بلغ ما بلغ محدودٌ لا محالة كمّاً وكيفاً ، وعارضٌ ليس بذاتيٍّ ، ومسبوقٌ بعدمه ليس بأزليٍّ ، وله بدءٌ ونهايةٌ ليس بسرمديٍّ ، ومأخوذٌ من الله سبحانه (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) (٤).
والنبيّ ووارث علمه في أُمّته (٥) يحتاجون في العمل والسير على طبق علمهم بالغيب من البلايا ، والمنايا ، والقضايا ، وإعلامهم الناس بشيءٍ من ذلك ، إلى أمر المولى سبحانه ورخصته ، وإنَّما
__________________
(١) الجن : ٢٦ ـ ٢٧.
(٢) البقرة : ٢٥٥.
(٣) الاسراء : ٨٥.
(٤) الأنعام : ٥٩.
(٥) أجمعت الأمة الاسلامية على أنّ وارث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في علمه هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، راجع الجزء الثالث من كتابنا ص ٩٥ ـ ١٠١ «المؤلِّف».