حتى تفسر إحداهما بالأُخرى.
يقول العلاّمة الطباطبائي : ولا نجد في كلامه تعالى ما يصلح لتفسير هذه الآية وانّ هذه الدابة التي سيخرجها لهم من الأرض فتكلمهم ما هي ؟ وما صفتها ؟ وكيف تخرج ؟ وماذا تتكلم به ؟ بل سياق الآية نِعْمَ الدليل علىٰ أنّ القصد إلى الإبهام فهو كلام مرموز فيه. (١)
وعلى الرغم من ذلك فلنقوم بالإجابة على تلك الاستفسارات.
أمّا الأوّل : فالظاهر انّ المراد من قوله : ( وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) هو حتمية العذاب ، كما يقول سبحانه في نفس تلك السورة : ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ ). (٢)
ولكن المراد من القول ليس هو القول اللفظي بل القول التكويني الذي يعبّر عنه بلفظة كن ، ويعود المعنى حتمية العذاب الخارجي ووقوعه عليهم.
وأمّا الثاني : فالدابة في لغة العرب والقرآن مطلق ما يدبّ في الأرض سواء أكان إنساناً أو حيواناً ، قال سبحانه : ( وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣) ومع كونه يطلق لفظ الدابة على الإنسان يحتمل أن يكون المراد منها غيره حتى يكون خروجها من الأرض وتكلمها مع الناس آية أُخرى ، ومع ذلك فيبقىٰ مجرد احتمال لا تدعمه الروايات.
وأمّا الثالث : فالظاهر أنّ قوله : ( أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) مقول
__________________
١. الميزان : ١٥ / ٣٩٦.
٢. النمل : ٨٤ ـ ٨٥.
٣. النور : ٤٥.