ذاهب إلى التفويض وأنّ أفعال العباد مفوّضة إليهم مخلوقة لهم ، لا صلة لها بالله سبحانه سوى انّه أقدر العبد على العمل ، وليس له تعالى إرادة ومشيئة متعلّقة بأفعالهم بل هي خارجة عن نطاق إرادته ومشيئته.
وقد أقام كلّ من الطائفتين دلائل وبراهين على مذهبه سوف نقوم باستقصائها إن شاء الله تعالى.
والمذهب الحق هو مذهب أئمة أهل البيت عليهمالسلام من نفي الجبر والقدر (١) ، وأنّ الحقيقة في أفعال العباد هو الأخذ بالأمر بين الأمرين ، فلا جبر حتى تسلب المسئوليّة عن الإنسان ليكون بعث الأنبياء سدى ، وجهود علماء التربية وزعماء الإصلاح عبثا ، ولا تفويض حتى يقوّض أصل التوحيد في الخالقية ويؤلّه الإنسان ويكون خالقا ثانيا في مجال أفعاله ، يخرج بذلك بعض ما في الكون عن إطار إرادة الله ومشيئته.
الثاني : صفاته تعالى عين ذاته
اتّفق الحكماء والمتكلّمون على أنّ له سبحانه صفات جمال
__________________
(١). المراد من القدر هنا التفويض ، وقد استعمل القدر على لسان أئمة أهل الحديث في المفوضة ، وقد ذكرنا ما يفيدك حول هذا اللفظ في الجزء الأوّل من كتابنا بحوث في الملل والنحل. لاحظ ص ١١١ ـ ١١٧.