ولا يتصوّر العكس ، كما أنّ العلم بأنّ زيدا سيقوم غدا مثلا انّما يتحقّق إذا كان هو في نفسه بحيث يقوم فيه دون العكس ، فلا مدخل للعلم في وجوب الفعل وامتناعه وسلب القدرة والاختيار ، وإلّا لزم أن لا يكون تعالى فاعلا مختارا لكونه عالما بأفعاله وجودا وعدما. (١)
يلاحظ عليه : أنّه خلط بين العلم الانفعالي الذي يكون المعلوم سببا لحدوثه ، كالعلم الحاصل من الأشياء في النفس ، والعلم الفعلي الذي هو سبب لوجود المعلوم ، إمّا سببا ناقصا كعلم المهندس المقدّر لبناء البيت ، أو سببا تاما كتصوّر السقوط ممّن قام على شاهق.
وعلمه سبحانه ليس علما انفعاليا من الخارج ، وإلّا يلزم عدم علمه ما لم يتحقّق المعلوم في الخارج ، وانّما هو علم فعلي ، وهو في سلسلة العلل وان لم يكن علّة تامة في مجال الأفعال الاختيارية للإنسان ضرورة أنّ للإنسان دورا في تحقّقها ، فتكون المقايسة باطلة.
وبذلك يعلم ضعف قياس علمه سبحانه ، بعلم المعلّم
__________________
(١). الشريف الجرجاني : شرح المواقف : ٨ / ١٥٦.