الحاجة إلى الفاعل حتى أنّه لو فقد الفاعل جاز أن يبقى المفعول موجودا ، كما يشاهد من فقدان البنّاء وقوام البناء ، حتى أنّ كثيرا منهم لا يتحاشى أنّ يقول : لو جاز على الباري تعالى العدم لما ضرّ عدمه وجود العالم ، لأنّ العالم عندهم انّما احتاج إلى الباري تعالى في أن أوجده ، اي اخرجه من العدم إلى الوجود حتى كان بذلك فاعلا ، فإذا فعل وحصل له الوجود عن العدم ، فكيف يخرج بعد ذلك إلى الوجود ، عن العدم حتى يحتاج الى الفاعل؟!(١)
يلاحظ على ذلك الاستدلال بوجوه
١. مناط الحاجة إلى الواجب هو الإمكان لا الحدوث
إذا كان المراد من الممكن ، هو الماهية ، فمناط الحاجة ، هو إمكانها ومساواتها بالنسبة إلى طرفي الوجود والعدم ، وأمّا حدوثها ، فهو مرحلة متأخّرة عن الإمكان بمراتب ، ولأجل ذلك يقال : الشيء قرّر ، فامكن فاحتاج ، فاوجد فوجد وحدث ، فإذا كان مناط الحاجة هو ذاك ، فهو محفوظ في حالتي الحدوث والبقاء ، لأنّ ماهيّة الممكن لا تنقلب عمّا هي عليها ، فهي بالنسبة
__________________
(١). الشيخ الرئيس : الإشارات : ٣ / ٦٨ ، العلّامة الحلّي : كشف المراد : الفصل الأوّل ، المسألة ٢٩ والمسألة ٤٤ ، صدر المتألّهين : الأسفار : ج ٢ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.