الملكات العلمية أو العملية ، ولأجل انّه ما لم يستحكم ملكاتنا لم يتم تخمير ذواتنا ... (١)
٦. القول بالتفويض يلازم الشرك
انّ القول بالتفويض يستلزم الشرك ، أيّ الاعتقاد بوجود خالقين مستقلين ، أحدهما : العلّة العليا ، التي أحدثت الموجودات والكائنات والإنسان ؛ والأخرى : الإنسان ، فإنّه يستقل بعد الخلقة والحدوث ، في بقائه أوّلا وتأثيراته ثانيا.
ثم إنّ القوم استدلوا على المسألة العقلية (غناء الممكن في بقائه عن العلّة) بالأمثلة المحسوسة ، منها : بقاء البناء والمصنوعات بعد موت البناء والصانع ، ولكن التمثيل في غير محلّه ، لأنّ البنّاء والصانع فاعلان للحركة ، أيّ ضم بعض الأجزاء إلى بعض ، والحركة تنتهي بانتهاء عملهما فضلا عن موتهما. وأمّا بقاء البناء والمصنوع فهو مرهون للقوى الموجودة فيهما ، فإنّ البناء يبقى بفضل القوى الطبيعية الكامنة فيه ، التي أودعها الله سبحانه في صميم الأشياء فليس للبنّاء والصانع فيها صنع ، وأمّا الهيئة والشكل فهما نتيجة اجتماع أجزاء صغيرة ، فتحصل من
__________________
(١). الحكيم السبزواري : شرح المنظومة : ٢٧٥.