قلوبهم قاسية لا يتأثرون بوعظ الأنبياء وإنذارهم ، ولا يكترثون من تحريف الدين وغيره ، والآيتان تعبّران عن دور العبد في مصيره وأنه سبحانه غبّ فعل العبد ، يعاقبه بلعنهم وجعل قلوبهم قاسية. وله نسبتان إلى العبد وإلى الله.
٣. إنّ هنا مجموعة من الآيات تعرّف الإنسان بأنّه فاعل مختار في مجال أفعاله ، وفي مقابلها مجموعة أخرى تصرّح بأنّ تأثير العلل في الكون كلّها بإذنه ومشيئته. فالمجموعة الأولى تناقض الجبر وتفنّده ، كما أنّ المجموعة الثانية تردّ التفويض وتبطله ، ومقتضى الجمع بين المجموعتين هو الأمر بين الأمرين ، وأنّ للفعل نسبة إلى العبد ، إذ هو باختياره يقوم بما يفعل أو يترك ، وفي الوقت نفسه ، يعمل بإذنه ومشيئته ولا يقع في سلطانه ما لا يريد ، وإن كان ما يريده واقعا عن طريق اختيار العبد.
وأليك نزرا من المجموعة الأولى :
١. قال سبحانه : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١).
__________________
(١). فصلت : ٤٦.