ويعلم ذلك ببيان أقسام الهداية الإلهية ، وإليك البيان :
الهداية العامة
هناك آيات دالّة على أنّ هداية الله سبحانه لا تختص بفرد دون فرد ، بل تعم جميع الناس بل أوسع منهم ، فتعم جميع الموجودات عاقلها وغير عاقلها ، وتتلخص الهداية العامة في الهدايتين : التكوينية والتشريعية ، وإليك بيانها :
أ. الهداية العامة التكوينية
هناك لفيف من الآيات تدل على أنّه سبحانه ما خلق شيئا إلّا وقد هداه إلى الغاية التي خلق لأجلها ، قال سبحانه ناقلا عن لسان نبيه الكليم : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (١) وأيّ تعبير أصرح من هذا الكلام بأنّ كل مخلوق مقرون بالهداية ، ولأجل ذلك ترى أنّ الحبة المستورة تحت التراب سوف تشقّ الأرض وتخرج منها وتأخذ بالنمو والرشد حتى تصير شجرة مثمرة ، ومثلها الحيوان والإنسان.
قال سبحانه : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) (٢) ومعنى الآية أنّه سبحانه خلق كل شيء
__________________
(١). طه : ٥٠.
(٢). الأعلى : ١ ـ ٣.