والتفويضي عينه اليسرى عمياء ، يرى بعينه اليمنى مباشرة الفاعل القريب للفعل ولا يرى بعينه اليسرى قيام الجميع بالله تبارك وتعالى.
فالجبرية مجوس هذه الأمة تنسب النقائص إلى الله تعالى والمفوضة يهود هذه الأمة ، حيث تجعل يد الله مغلولة : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) والقائل بالأمر بين الأمرين ينظر بكلا العينين ويسلك الجادة الوسطى ، ومن ذلك يعلم وجه وصف الإمام الرضا للقائل بالجبر بالكفر ، وللقائل بالتفويض بالشرك حيث قال : والقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك (١).
إيقاظ :
دلّ الذكر الحكيم على أنّ الحسنة والسيّئة من عند الله ، قال سبحانه : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٢).
ولكن دلّت الآية التالية على أنّ الحسنة من الله والسيّئة من
__________________
(١). عيون أخبار الرضا : ١ / ١١٤.
(٢). النساء / ٧٨.