وقد ذكر (دام ظله) قبل الخوض في المقصود أمورا نأتي بها واحدا تلو الآخر.
الأوّل : السير التاريخي للمسألة
إنّ مسألة الجبر والتفويض من المسائل الشائكة التي شغلت بال الحكماء والفلاسفة منذ عصور قديمة ، وكانت مطروحة على بساط البحث بين حكماء الإغريق (١) إلى أن طلعت شمس الإسلام وبزغ نوره ، فتداولت المسألة بين حكماء الإسلام ومتكلّميه ، نجم عنها فيما بعد ، آراء ونظريات بين الإفراط والتفريط.
فمن ذاهب إلى الجبر وأنّ أفعال العباد مخلوقة لله تبارك وتعالى ، كخلق أجسامهم وطبائعهم ، وليس للعباد فيها صنع حتى قيل بعدم الفرق بين حركة يد الكاتب والمرتعش ؛ إلى آخر
__________________
(١). يطلق الإغريق ويراد منه ـ اليونان ـ والنسبة الإغريقي ، جمعه الأغارقة.