ثم إنّ الطّرسّوسيّين قفلوا ، ورجع العربان ، ورجع سيف الدّولة في مضيق صعب ، فأخذت الرّوم عليه الدّروب ، وحالوا بينه وبين المقدّمة ، وقطعوا الشّجر ، وسدّوا به الطّرق ، ودهدهوا الصّخور في المضايق على النّاس. والرّوم وراء النّاس مع الدّمستق يقتلون ويأسرون ، ولا منفذ لسيف الدّولة.
وكان معه أربعمائة أسير من وجوه الرّوم فضرب أعناقهم ، وعقر جماله وكثيرا من دوابّه ، وحرق الثّقل ، وقاتل قتال الموت ، ونجا في نفر يسير (١).
واستباح الدّمستق أكثر الجيش ، وأسر أمراء وقضاة. ووصل سيف الدّولة إلى حلب ، ولم يكد.
ثمّ مالت الرّوم فعاثوا وسبوا ، وتزلزل النّاس ، ثمّ لطف الله تعالى ، وأرسل الدّمستق إلى سيف الدّولة يطلب الهدنة ، فلم يجب سيف الدّولة ، وبعث يتهدّده.
ثمّ جهّز جيشا فدخلوا بلاد الرّوم من ناحية حرّان ، فغنموا وأسروا خلقا. وغزا أهل طرسوس أيضا في البرّ والبحر. ثمّ سار سيف الدّولة من حلب إلى آمد ، فحارب الرّوم وخرّب الضّياع ، وانصرف سالما.
وأمّا الرّوم ، فإنّهم احتالوا على أخذ آمد ، وسعى لهم في ذلك نصرانيّ على أن ينقب لهم نقبا من مسافة أربعة أميال حتّى وصل إلى سورها. ففعل ذلك ، وكان نقبا واسعا ، فوصل إلى البلد من تحت السّور. ثمّ عرف به أهلها ، فقتلوا النّصرانيّ ، وأحكموا ما نقبه وسدّوه.
* * *
ومعنى «الدّمستق» : نائب البلاد الّتي في شرقيّ قسطنطينيّة.
__________________
(١) تكملة تاريخ الطبري ١ / ١٦٤ ، تجارب الأمم ٢ / ١٢٥ ، ١٢٦ ، تاريخ الأنطاكي ٧٨ ، ٧٩ ، تاريخ حلب ٢٩٣ ، ٢٩٤ ، معجم الأدباء ٩ / ٣١ ، المنتظم ٦ / ٣٦٧ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٤٨٥ ، أخبار الدولة الحمدانية ٣٣ ، زبدة الحلب ١ / ١٢١ ، ١٢٢ ، تاريخ مختصر الدول ١٦٨ ، تاريخ الزمان ٥٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٩٨ ، دول الإسلام ١ / ٢١٠ ، العبر ٢ / ٢٤٩ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٨٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٣٢٨ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٢٣ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٣٠١ ، شذرات الذهب ٢ / ٣٤٨ ، تاريخ الأزمنة ٦١ ، ٦٢.