بعض الكتّاب من أهل السنّة كما أشرنا إلى ذلك في مقدّمة هذا البحث.
وبالجملة فإنّ التورية تسبق التقية عادة ، بل أوجبها عند تمكّن المضطرّ منها أكثر المفسّرين من أهل السنّة تخلصاً من التقية.
٥ ـ عمر بن الخطّاب (ت / ٢٣ ه) :
حدّث البخاري أنّ عمر بن الخطاب يوم أسلم ، أو يوم أراد أن يدخل الإسلام كان خائفاً مذعوراً من المشركين ، واضطرّ إلى ملازمة داره خوفاً من أن يخرج فيُقتل وبقي على هذا الحال حتى انقذه العاص بن وائل ، وكان حليفاً لهم في الجاهلية.
وإليك نصّ ما قاله عبد الله بن عمر بن الخطاب في إسلام أبيه ، كما في رواية البخاري من طريق يحيى بن سليمان في باب إسلام عمر بن الخطاب.
قال : «بينما هو في الدار خائفاً إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو عليه حُلّةُ حِبَرَةٍ ، وقميص مكفوف بحرير ، وهو من بني سهم ، وهم حلفاؤنا في الجاهلية ، فقال له : ما بالك؟ قال : زعم قومك أنّهم سيقتلونني إن أسلمت. قال : لا سبيل إليك.
بعد أن قالها أمِنت. فخرج العاص ، فلقي الناس قد سال بهم الوادي ، فقال : أين تريدون؟ فقالوا : نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا. قال : لا سبيل إليه. فكرّ الناس» (١).
أقول : إنّ عبارة : (بعد أن قالها أمِنت) هي من قول عمر ، أي : بعد ما قال
__________________
(١) صحيح البخاري ٦٠ : ٥ ، باب إسلام عمر بن الخطاب.