موقعتي الجمل وصفّين ، ولم ينصر عليّاً عليهالسلام ، إلا أنّه أبى إلا أن يقول الصدق بوجه بُسر بن أرطاة.
ولعلّ من هذه التقية ما تقوم به دُور الصحافة والاعلام في بعض الدول الإسلامية من كيل المدح والثناء على الخطب والكلمات الذليلة التي تستجدي الصلح من إسرائيل ، مع ما اقترفه اليهود من جرائم يندى لها جبين البشرية خجلاً ، فإن لم يكن ذلك من التقية ، فهو من النفاق الذي لا شبهة فيه ، وشتّان ما بين التقية والنفاق.
١٩ ـ أبو موسى الأشعري (ت / ٤٤ ه) :
روى القرافي المالكي (ت / ٦٤٨ ه) عن أبي موسى الأشعري أنّه كان يقول : «إنّا لنكشّر في وجوه أقوام ، وإنّ قلوبنا لتلعنهم» ثمّ علّق عليه بقوله : «يريد : الظلَمة والفسَقَة الذين يتّقي شرّهم ، ويتبسّم في وجوههم» (١).
أقول : هذا من قول أبي الدرداء أيضاً ، كما تقدّم برقم / ١٠ عن صحيح البخاري ، فراجع.
٢٠ ـ مداراة معاوية للنابغة الجعدي (ت / ٥٠ ه) :
النابغة الجعدي هو حبان بن قيس المضري الشاعر المعمر ، كان في الجاهلية ممّن أنكر الخمر وهجر الأزلام ، واجتنب الأوثان ، وكان على دين إبراهيم الخليل عليهالسلام ، ولما بعث نبيّنا (ص) ، وفد عليه وأنشده قصيدته الرائيّة الخالدة التي جاء فيها :
ولا خيرَ فِي حِلمٍ إذا لم تكُن لهُ |
|
بوادِر تحمِي صفوَهُ أن يُكَدّرا |
__________________
(١) الفروق / القرافي ٢٣٦ : ٤ الفرق الرابع والستون والمائتان.