فقد نقل الغزالي (ت / ٥٠٥ ه) عنه قوله : «الكذب إثم إلا ما نفع به مسلماً ، أو دفع عنه ضرراً» (١).
وإذا الكذب وهو أمقت الأشياء وارذلها ، يباح لنفع المسلم ، أو دفع الضرر عنه عند الصحابي ثوبان ، فما ظنّك برأيه في التقية التي خرجت عن حكم الافتراء بنصّ القرآن الكريم. مع أنّ الغاية من تشريعها هي دفع الضرر. قال تعالى :
(إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ* مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (٢).
قال تاج الدين الحنفي (ت / ٧٤٩ ه) : «والمعنى : انما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه ، واستثنى منه المكره ، فلم يدخل تحت حكم الافتراء» (٣).
٢٢ ـ أبو هريرة (ت / ٥٩ ه) :
إنّ تتبّع سيرة هذا الصحابي يكشف عن استعماله التقية على أوسع نطاق خصوصاً مع الأمويّين ، ولقد كان أبو هريرة يجاهر بالتقية ، ويصرّح بأنّه لولاها لقطع بعلومه.
ففي صحيح البخاري : «حدّثنا إسماعيل ، قال : حدّثني أخي ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : حفظت من رسول الله (ص) وعاءين : فأمّا أحدهما فبثثته ، وأمّا الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم» (٤).
__________________
(١) إحياء علوم الدين / الغزالي ١٣٧ : ٣.
(٢) النحل : ١٦ / ١٠٥ ١٠٦.
(٣) الدر اللقيط من البحر المحيط / تاج الدين الحنفي ٥٣٧ : ٥ ٥٣٨.
(٤) صحيح البخاري ٤١ : ١ كتاب العلم ، باب حفظ العلم (آخِر أحاديث الباب).