وابن أبي ذؤيب ، وابن سمعان ، وسألهم : أي الرجال أنا عندكم ، أمِن أئمّة العدل ، أم مِن أئمّة الجور؟
أمّا مالك فقد توسّل إليه بالله ، وتشفّع بالنبيّ (ص) أن يستعفيه من الجواب ، فاستعفاه.
وأمّا ابن أبي ذؤيب ، فلم يخش في الله لومة لائم ، إذ أوقف المنصور على حقيقة حاله ، وصارحه بواقع أمره ، حتّى إنّ الإمام مالك بن أنس قد ظنّ أنّه سيُسفك دم ابن أبي ذؤيب قبل أن يتمّ كلامه فجمع أطراف ثوبه لئلا يتلوّث بالدم.
وأمّا ابن سمعان ، فقد خاف على نفسه واتّقى من المنصور ، فوصفه بصفات الصدِّيقين الأبرار الأخيار ، وأنّه من خير من ولدته حواء ، وأنّه من أعدل الأئمّة ، وأنّه وأنّه (١).
٥٩ ـ سفيان الثوري (ت / ١٦١ ه) :
عن أبي إسحاق الفزاري ، قال : جاءني نعي أخي من العراق ، وقد خرج مع إبراهيم بن عبد الله الطالبي ، فقدمت الكوفة ، فأخبروني أنّه قُتِل ، وأنّه قد استشار سفيان الثوري وأبا حنيفة ، فأتيت سفيان وانبأته مصيبتي بأخي ، وقلت : واخبرت أنّه استفتاك. قال : نعم ، قد جاءني فاستفتاني ، فقلت : ما ذا أفتيته؟ قال : قلت : لا آمرك ولا أنهاك. قال : فأتيت أبا حنيفة. فقلت له : بلغني أنّ أخي أتاك فاستفتاك. قال : قد أتاني واستفتاني ، قال ، قلت : فبما ذا أفتيته؟ قال : أفتيته بالخروج ، قال : فأقبلت عليه ، فقلت : لا جزاك الله خيراً ، قال : هذا رأيي» (٢).
__________________
(١) الإمامة والسياسة / ابن قتيبة الدينوري ١٧٣ : ٢.
(٢) تاريخ بغداد ٣٨٥ : ١٣ نقلًّا عن الإمام الصادق والمذاهب الأربعة / أسد حيدر ٣١٨ : ١.