أبي الفضل الهاشمي قال : «قلت لأبي : لِمَ تجلس إلى فلان ، وقد عرفت عداوته؟
فقال : أُخبِّئُ ناراً وأقدحُ عن وُدٍّ!» (١).
وما أقرب هذا القول من قول أبي الدرداء المتقدّم في الفصل الأوّل : «إنّا لنكشِّر في وجوه قوم وإن قلوبنا لتلعنهم».
٦٥ ـ تقيّة عليّ بن إسحاق من هارون الرشيد (ت / ١٩٣ ه) :
كان عليّ بن إسحاق بن عبد الله بن العبّاس ، من حاشية هارون الرشيد ، ومن المقرّبين إليه ، والمطّلعين على أسراره ، وقد اتّقى من الرشيد في غير موضع التقية ، وذلك فيما حكاه الشبراوي الشافعي (ت / ١١٧١ ه) من أنّه كان على علم بما عزم عليه هارون مِن إبادة البرامكة واستئصال شأفتهم ، ورغم ذلك لم تبدر منه أدنى بادرة في إنذار البرامكة بطريقة لا تثير غبار الشك لدى الرشيد في إفشاء سرّه ، ولا تؤدّي إلى الفتنة ، وذلك بتقديم النصح مثلاً وما شابهه ، بل ابتعد حتّى عن دورهم حتّى حصلت نكبتهم تقية على نفسه من بطش الرشيد (٢).
٦٦ ـ تقية الإمام الشافعي (ت / ٢٠٤ ه) :
ومن المواقف التي تشهد على تقيّة الإمام الشافعي فيما وقفت عليه موقفان ، وكلاهما مع هارون الرشيد ، وهما :
__________________
(١) عيون الأخبار / ابن قتيبة ٢٢ : ٢.
(٢) الإتحاف بحب الأشراف / الشبراوي : ٢٤٦.