ولكنّهم كما نصّ عليه الطبري تراجعوا عن موقفهم حين علموا بما عزم عليه المأمون إزاء من لم يسجّل اعترافه بما أمر عند واليه على بغداد إسحاق بن إبراهيم ، وقالوا جميعاً : إنّ القرآن مخلوق ، إلا ما كان من أحمد بن حنبل ، ومحمّد بن نوح المضروب (١).
٧٠ ـ أبو مسهر (ت / ٢١٨ ه) :
نصّ الطبري في أخبار هذه المحنة أيضاً على أنّه جاء كتاب من المأمون إلى واليه على بغداد إسحاق بن إبراهيم ، يقول فيه : «وقد كان أمير المؤمنين وجه إليك المعروف بأبي مسهر ، بعد أن نصّه أمير المؤمنين عن محنته في القرآن ، فجمجم عنها ولجلج فيها ، حتّى دعا له أمير المؤمنين بالسيف ، فأقرّ ذميماً ، فانصصه عن إقراره ، فإن كان مقيماً عليه ، فأشهر ذلك وأظهره إن شاء الله» (٢).
أقول : المراد بأبي مسهر ، هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني ، من تابعي التابعين ، وتقيّته واضحة كما ترى ، ولا تحتاج إلى تعليق.
٧١ ـ تقية الإمام أحمد بن حنبل (ت / ٢٤٠ ه) :
كان الإمام أحمد بن حنبل يرفض أي شكل من أشكال التعاون مع العبّاسيّين ، ولم يقبل منهم أيّة وظيفة ، ويحدّثنا تاريخه أنّه كان متقشّفاً لا يقبل هدية من الحاكم قطّ ، وانّه إذا ما اكرِه على قبولها فسرعان ما يوزعها
__________________
(١) تاريخ الطبري ١٩٣ : ٥ في حوادث سنة ٢١٨ ه ، وانظر : تبيين كذب المفتري / ابن عساكر : ٣٤٩.
(٢) تاريخ الطبري ١٩٢ : ٥ في حوادث سنة ٢١٨ ه.