والمكره على الزنا لا يجب عليه الحدّ إذا كان الإكراه من السلطان عند أبي حنيفة ، وأمّا المرأة فلا حدّ عليها ، إلى آخر ما ذكره من كلام طويل أخذنا موضع الحاجة منه (١).
امّا ابن نجيم الحنفي (ت / ٧٩٠ ه) فقد نصّ على قاعدة هامّة توجب على المكرَه أو المضطرّ الموازنة بين المفسدة الناتجة من الاقدام على الفعل المكرَه عليه أو المضطر إليه ، وبين المفسدة الناتجة من حالة الترك ، وعليه بعد ذلك أن يراعي أعظمها ضراراً ، فيرتكب أخفّهما. ثمّ نقل عن الزيلعي قوله : «الأصل في جنس هذه المسائل : إن من ابتلي ببليتين ، وهما متساويتان ، يأخذ بأيّهما شاء ، وإن اختلفتا يختار أهونهما ، لأنّ مباشرة الحرام ، لا تجوز إلا للضرورة ، ولا ضرورة في حقّ الزيادة» (٢).
وفي مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لداماد أفندي الحنفي (ت / ١٠٧٨ ه) : إنّ البيع لا ينفذ مع الإكراه ، ولا دفع الهبة ، وللمكره على إتلاف مال المسلم أن يتلفه ، والضمان على المكرِه ، وإذا علم المُكرَه انّ المكرِه له على القتل سيقتله إن لم يقتل ، فله أن يقتل والقصاص على من أكرهه ، وعند أبي يوسف لا يجب القصاص على أحد (٣) وقد اعتذر السرخسي عن قول أبي يوسف هذا ، فقال : «وكان هذا القول لم يكن في السلف ، وإنّما سبق به أبو يوسف رحمهالله واستحسنه» (٤).
__________________
(١) بدائع الصنائع / الكاساني الحنفي ١٧٥ : ٧ ١٩١.
(٢) الأشباه والنظائر / ابن نجيم الحنفي : ٨٩.
(٣) مجمع الأنهر في شرح ملتقى / داماد أفندي ٤٣١ : ٢ ٤٣٣.
(٤) المبسوط / السرخسي ٤٥ : ٢٤.