ولقد كان للصحابة رضي الله عنهم موقف واضح من التقية ، إذ صرّحوا بجوازها ، وعملوا بها زرافات ووحداناً ، وقد عزّزنا عملهم بالتقية بواحد وثلاثين مثالاً ، كانت من بينها أمثلة كثيرة على التقية الجماعية التي اشترك بها ما لا يعلم عدده من الصحابة إلا الله تعالى.
كما كان للتابعين موقف من التقية إذ صرّحوا بجوازها وعملوا بها أيضاً ، وهذا ما أوضحناه بأمثلة كثيرة من تقيتهم ، وذلك في واحدٍ وثلاثين مثالاً ، وقد رأينا في تقية الصحابة والتابعين الكثير منهم ممّن حمله الإكراه على أن يحلف بالله على خلاف الواقع ، أو يفتي بخلاف الحقّ إرضاءً للسلطان واتقاءً من شرّه وظلمه.
وقد تتبّعنا العصرين ما وسعنا المواقف الصريحة إزاء التقية قولاً وفعلاً ابتداءً من السّنة السابعة قبل الهجرة المشرفة وحتّى نهاية سنة / ١٧٩ ه ، وهي من أواخر عمر التابعين. فوجدنا من مواقفهم إزاء التقية ما لا ينسجم بحال من الأحوال مع ادّعاء أنّ التقيّة كذب وخداع وافتراء!!
ثمّ انتقلنا بعد ذلك إلى موقف تابعي التابعين ومن جاء بعدهم وصولاً إلى عصرنا الحاضر ، نقلب صفحات التاريخ ونبحث في طيّات السنين ، ونسترق السمع خلف أبواب السلاطين ، فسمعنا العجب العجاب من كلمات المؤمنين ، ورأينا الأعجب من أفعالهم تقيّة من هؤلاء الظالمين ، وذلك في أربعة وعشرين مثالاً.
ولقد تبيّن من خلال الفصل الثاني الذي استوعب من مواقف المسلمين على امتداد تاريخهم من التقية وذلك في ستّة وثمانين مثالاً انّ الظلم والاضطهاد الذي مرّ به التابعون وتابعوهم ليس له نظير في تاريخ الإسلام إلا