وقال للآخر : أتشهد أن محمّداً رسول الله؟ قال : نعم ، قال أتشهد أنّي رسول الله؟ قال : نعم ، فأرسله. فأتى النبيّ (ص) فأخبره ، فقال : أمّا صاحبك فمضى على إيمانه ، وأمّا أنت فأخذت بالرخصة» (١).
واحتج الإمام الشافعي (ت / ٢٠٤ ه) بهذه الآية على أن قول المكره كما يقل في الحكم ، وأطلق القول فيه ، واختار أنّ يمين المكره غير ثابتة عليه ، كما نُسِب القول بذلك إلى عطاء بن أبي رباح (ت / ١١٤ ه) أحد أعلام التابعين (٢).
وأخرج ابن ماجة (ت / ٢٧٣ ه) عن ابن مسعود (ت / ٣٢ ه) ما يُشير إلى سبب نزول هذه الآية في جملة من الصحابة كانوا قد وافقوا المشركين على ما انتدبوهم إليه أنّه قال : «كان أوّل من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله ، وأبو بكر ، وعمّار ، وأُمه سمية ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد.
فأمّا رسول الله (ص) ، فمنعه الله بعمّه أبي طالب.
وأما أبو بكر ، فمنعه الله بقومه.
وأما سائرهم ، فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس ، فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالاً ، فإنه هانت عليه نفسه في الله ، وهان على قومه ، فأخذوه فأعطوه الولدان ، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكّة ، وهو يقول : أحد ، أحد» (٣).
قال الشيخ محمّد فؤاد عبد الباقي (ت / ١٣٨٨ ه) في هامش حديث ابن ماجة
__________________
(١) تفسير الحسن البصري ٧٦ : ٢.
(٢) أحكام القرآن / أبو عبد الله محمّد بن إدريس الشافعي ١١٤ : ٢ ١١٥.
(٣) سنن ابن ماجة ٥٣ : ١ ، ١٥٠ / باب ١١ في فضل سلمان وأبي ذرّ والمقداد.