القرآن الكريم بقوله تعالى : (وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) (١).
وعلى الرغم من وضوح دلالة الآية على تقية هذا الرجل المؤمن ، إلا أنّه سنذكر طائفة من أقوال المفسّرين بشأن هذه الآية ، لكي يتأكّد من خلالها أنّ التقية كانت معروفة قبل الإسلام بقرون عديدة.
فقد نقل الماوردي (ت / ٤٥٠ ه) قول السدي (ت / ١٢٧ ه) : إنّ هذا الرجل كان ابن عمّ فرعون ، وهو الذي نجا مع موسى عليهالسلام. ونقل عن ابن عباس (ت / ٦٨ ه) قوله : «لم يكن من آل فرعون مؤمن غيره ، وامرأة فرعون ، وغير المؤمن الذي أنذر : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) (٢).
ثمّ قال : إنّه كان مؤمناً قبل مجيء موسى ، وكذلك امرأة فرعون ، قاله الحسن ، فكتم إيمانه ، قال الضحاك : كان يكتم إيمانه للرفق بقومه ، ثمّ أظهره ، فقال ذلك في حال كتمه» (٣).
ولا شك أنّ ما يعنيه كتمان الإيمان هو التقية لا غير ، لأنّه إخفاء أمر ما خشية من ضرر إفشائه ، والتقية كذلك.
ونقل ابن الجوزي الحنبلي (ت / ٥٩٧ ه) قول السدي المتقدّم ، ونقل عن الحسن البصري (ت / ١١٠ ه) أنّه قال : «كان مؤمناً قبل مجيء موسى» وعن مقاتل : «أنّه كتم إيمانه من فرعون مائة سنة» (٤).
__________________
(١) غافر ٢٦ : ٤٠.
(٢) القصص ٢٠ : ٢٨.
(٣) النكت والعيون / الماوردي ١٥٣ : ٥.
(٤) زاد المسير / ابن الجوزي ٢١٢ : ٧.