هذا من قوله تعالى» (١).
والأوّل أرجح ، فقد نصّ عليه أكثر المفسّرين ، ويدلّ عليه تظاهر هذا المؤمن بمظهر الناصح الشفيق عليهم ، الحريص على مصلحتهم ، وأنّه لا يهمّه أمر موسى عليهالسلام بقدر ما تهمّه مصلحة فرعون وقومه كما في قوله : (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ).
فهذا القول يدل بظاهره على أنّه أراد أن يوهمهم ، وإلا فهو غير شاكّ في أنّه سيصيبهم غضب الله تعالى فيما لو أقدموا على قتل موسى عليهالسلام.
كما أنّ ما قاله هذا المؤمن لقومه بعد ذلك يدلّ على هذه الحقيقة ويرشد إليها.
كقوله : (يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) (٢).
وكقوله : (يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ) (٣).
وكقوله : (وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) (٤).
ولا شكّ أنّ هذه الأقوال تدلّ على أنّ هذا المؤمن كان يُشعر قومه بأقواله هذه بأنّه منهم وعلى دينهم واعتقادهم ، غاية الأمر أنّه يروم ما فيه مصلحتهم ، إذ عسى أن يكون موسى عليهالسلام صادقاً فيما يقول فعند ما تحل
__________________
(١) زاد المسير ٢١٢ : ٧.
(٢) غافر ٢٩ : ٤٠.
(٣) غافر ٣٠ : ٤٠.
(٤) غافر ٣٢ : ٤٠.