التقية في القرآن الكريم ، من ذلك :
قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) (١).
(وَ) قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٢).
كما أنّ قوله تعالى : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (٣) ، يدلّ على أنّ للإنسان أن يُقدِّر نتائج ما يُقدم عليه من استعمال التقية أو تركها ، بل عليه أن يُقدِّر نتائج كلّ ما يُقدم عليه في حياته كلّها ، لأنّه مسئول عن تلك النتائج صغيرها وكبيرها يوم القيامة ، وستشهد بها جوارحه عليه ، ولا مجال هناك للإنكار أو المجادلة كما يُشعر بذلك قوله تعالى بعد ذلك : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (٤).
وهذا يعني أنّ الاضطرار أو الإكراه اللّذين يواجههما الإنسان في حياته يُترك تقديرهما له ، لأنّه أعلم من غيره حين ينزلان به ، وعليه أن يزن الامور بالميزان الحقّ ، فإن علم أنّه لا مخرج من الاضطرار إلا بأكل المحرّم فله ذلك ، وإن شعر أنّ الإكراه على المعصية من فعل أو قول إن أدّى مع عدم الامتثال للمكرِه إلى القتل أو ما يقاربه من وعيد متلف أو الاعتداء على الأعراض أو الأموال وغير ذلك من الاضرار الاخرى التي لا تُطاق عادة ، فله أن يستعمل التقية ، وقد مرّ هذا المعنى في كلمات المفسّرين للآية الثانية كالرازي وغيره ، فراجع.
__________________
(١) الطلاق ٧ : ٦٥.
(٢) البقرة ٨٥ : ٢.
(٣) القيامة ١٤ : ٧٥.
(٤) القيامة ١٥ : ٧٥.