بالتقية والكتمان» (١).
وهذا الحديث مؤيّد بنصوص القرآن الكريم ، وقد مرّ بعضها ، حيث امتدح الله تعالى مؤمن آل فرعون ، وذمّ فرعون وقومه.
كما وصف أهل الكهف بقوله تعالى : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) ووصف قومهم بأنّهم : (مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (٢).
ولا يمكن والحال هذه تصوّر حياة أهل الكهف خالية من التقية ، وهم بين ظهراني قوم يفترون على الله الكذب ، مع عتوّ ملكهم دقيانوس (ت / ٣٨٥ م) الذي جاس خلال الديار والبلاد بالعبث والفساد ، وقتل من خالفه من المتمسّكين بدين المسيح عليهالسلام ، وكان يتبع الناس فيخيّرهم بين القتل وعبادة الأوثان (٣).
وقد أخرج المفسّرون عن ابن عبّاس (ت / ٦٨ ه) ، وعطاء (ت / ١١٤ ه) ، ومجاهد (ت / ١٠٣ ه) ، وعكرمة (ت / ١٠٥ ه) ، وابن جريج (ت / ١٥٠ ه) وغيرهم من أنّ عامّة أهل بلدهم كانوا كفّاراً ، وكان فيهم قوم يخفون إيمانهم على وجه التقية ، ومنهم أصحاب الكهف الذين كانوا من الأشراف على دين عيسى عليهالسلام ، وكانوا يعبدون الله سرّاً ويكتمون أمرهم (٤).
كلّ ذلك يؤيّد صحّة ما رواه السيوطي آنفاً ، ويفصح عن أنّ التقية لا تكون
__________________
(١) الجامع الصغير / السيوطي ٤٩١ : ١ / ٣١٨٦ ، عن الديلمي في مسند الفردوس ، عن ابن مسعود.
(٢) الكهف ١٥ : ١٨.
(٣) تقدّم هذا الكلام في بيان دلالة الآية الرابعة على التقية ، عن تفسير أبي السعود ، فراجع.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٣٥٩ : ١٠ ، زاد المسير ١٢٠ : ٥ ، الدرّ المنثور ٣٦٦ : ٥.