أمير المؤمنين علي (ع) لم يقرّ القوم على فعلهم
قال : لقد تحقّق لدينا بما أدليتموه أنّ الصحبة بذاتها لا تمنع من الوقوع في الخطأ ولكن إذا كان الأمر على ما ذكرتم من دفع القوم عليّا (ع) عن حقّه فلما ذا يا ترى أقرّهم على ذلك ، ولم ينازعهم فيه ، واتبعهم عليه المهاجرون والأنصار؟ فلو لم يكن راضيا بإمامتهم لجاهدهم كما جاهد الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، في صفين ، والجمل ، والنهروان.
قلت : لو أنّكم وقفتم قليلا : على ما سجّله التاريخ الصحيح ، وصحيح الحديث ، لعلمتم أنّه (ع) لم يقرّهم على ذلك كما لم يقرّهم عليه جميع المسلمين ، ولم يتّبعهم عليه سائر الأنصار ، وإن رضي بذلك أكثرهم ، إلّا أنّ رضى أكثرهم لا يكون دليلا علميا على صوابهم وأن الحقّ في جانبهم ، كما صرّح بذلك كثير من آيات الكتاب العزيز.
فعل الأكثرين لا يكون دليلا على الصواب
فمن ذلك قوله تعالى في سورة الأنعام آية ١١٦ : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ).
وقال تعالى في سورة ص آية ٢٤ : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ).
وقال تعالى في سورة سبأ آية ١٧ : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ).
وقال تعالى في سورة الأعراف آية ١٠٢ : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ).
وقال تعالى في سورة الفرقان آية ٥٠ : (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً).