قولهم علي أشجع الناس
فلم ترك قتال المتقدمين عليه
قال : يقول خصومكم إنّكم تدّعون أنّ عليّا (ع) كان أشجع من أبي بكر (رض) ، وأصلب منه في الدين ، وأشرف منه في النسب ، وتدّعون أنّه مع ذلك كان معصوما ولو لم تكن إمامة أبي بكر (رض) حقّة لنازعه في ذلك ، لأنّ ترك المنازعة مع الإمكان مخلّ بالعصمة وأنتم توجبونها في الإمام وتعتبرونها شرطا في صحّتها.
قلت : أولا : إنّ ترك علي (ع) منازعة أبي بكر (رض) بالحرب والقتال لا يكون مخلا بعصمته ولا بأشجعيته ، ولا يدلّ على صحّة خلافته (رض) بإحدى الدلالات المنطقية وإلّا كان ترك أولئك الأنبياء (ع) منازعة أقوامهم مخلا أيضا بعصمتهم ، ودالا على صحة ما قام به أقوامهم وبطلانه واضح لا يشك فيه من له عقل أو شيء من الدين.
ثانيا : كان في توقّف علي (ع) عن حربهم وقتالهم منافع عظيمة ، وفوائد جليلة ، قصرت مداركهم عن الوصول إليها ، وأعيت أفهامهم عن الوقوف عليها.
فمنها : أنّه لو قاتلهم لتولّد الشكّ من النائين عن المدينة وغيرها